
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، واستمرار مقاطعة التيار الوطني الشيعي (الصدري) لها، تتصاعد التكهنات حول شكل الحكومة المقبلة، في ظل هيمنة المال السياسي، وعدم استطاعة القوى الناشئة مجاراة ما تمتلكه الكتل السياسية المشكلة لنظام ما بعد 2003.
وفي هذا الإطار، كشف عضو ائتلاف دولة القانون، زهير الجلبي، عن هيمنة المال السياسي في نينوى، عبر تقديم دفوعات مالية للمرشحين أصحاب الأصوات العالية تصل إلى مليار دينار، مشيرا إلى أن إيعاز زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، إلى جمهوره بتحديث سجلاتهم الانتخابية، لابد أنه يخبئ شيئا ما خلال للانتخابات.
وتعد الانتخابات العراقية القادمة، من أكثر الدورات تعقيدا منذ سنوات، بحسب العديد من المراقبين، حيث بات العراقيون يواجهون العديد من المشكلات في اختيار ممثليهم، في ظل ارتفاع أعدادهم، ووجود المال السياسي الذي يعيق وصول المستقلين للسلطة.
وقال الجلبي، في حوار متلفز، إن “الأسباب التي أدت إلى تضخم المال السياسي، هي تأخير الانتخابات بعد فك الانسداد السياسي”، مبينا أن “أحد الشروط الدولية كانت أن تجرى انتخابات بعد تشكيل الحكومة بسنة واحدة، إلا أن القوى السياسية ذهبت إلى إجراء انتخابات مجالس المحافظات للالتفاف على هذا الشرط“.
وأضاف، أن “هناك خللا آخر هو انسحاب التيار الوطني الشيعي، بزعامة مقتدى الصدر من العملية السياسية لوجود الفاسدين، فضلا عن إيعاز الصدر لجمهوره في تحديث البطاقات”، مؤكدا أن “ذلك يؤكد أن الصدر يخطط لشيء ما”.
وتابع، أن “هذا قد يدفع باتجاه دعم كتلة معينة، أو شخصية سياسية ما”، مشيرا إلى أن “هذه الانتخابات ستكون مختلفة بالكامل عن ما جرى في 2018 و2022، وذلك لأن هناك منافسة غير شريفة بالمال السياسي”.
وأشار الجلبي، الى أن “احدى الكتل السياسية في نينوى، تقوم بتقديم دفوعات إلى المرشحين تتراوح من 450 مليون دينار إلى مليار دينار كل حسب حجمه وما يقدمه لها من أصوات انتخابية”.
وكان مصدر مقرب من زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، أفاد في 5 آيار الجاري، بأن الأخير لن يغير قراره الخاص بالانسحاب من العملية السياسية في العراق، إلا أنه قد يتخذ خطة بديلة حسب مجريات الأوضاع خلال الفترة المقبلة، حسب مجريات وتطورات الأحداث في الداخل العراقي والمنطقة، تتعلق بدعم جهة سياسية ناشئة بصورة غير مباشرة في الانتخابات، مشيرا إلى أن “الصدر من الممكن أن ينزل للشارع مرة أخرى، ويقود حراكا شعبيا، إذا تطورت الخلافات السياسية إلى الإضرار بالصالح العام للشعب العراقي”.
وقال زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، نهاية الشهر الماضي، في كلمة له بذكرى استشهاد والده السيد محمد محمد صادق الصدر في النجف الأشرف، إن “قلوب الفاسدين اليوم في أيدينا”، داعيا أنصاره إلى “النطق إذا كان نطقهم ينفع الإصلاح، والسكوت إذا كان السكوت ينفع الإصلاح”.
وكان فتاح الشيخ، النائب السابق، والمقرب من التيار الوطني الشيعي (الصدري سابقا)، أكد في 22 نيسان الماضي، أن الأسباب الحقيقية وراء مقاطعة زعيم التيار مقتدى الصدر، الانتخابات، تدور بين مؤتمر لندن عام 2002 وأحداث الخضراء عام 2022.
وتبادل رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، وزعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، في 18 نيسان الماضي، رسائل بشأن موقف الأخير من المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، حيث وجه رشيد، بشكل مفاجئ، رسالة خطية تضمنت دعوة الصدر إلى العدول عن قرار مقاطعة الانتخابات، وشغل الفراغ الذي خلفه نواب التيار الصدري بعد انسحابهم من البرلمان.
فيما رد الصدر، على دعوة رئيس الجمهورية، مؤكدا أن عدم المشاركة في الانتخابات لا تعني المطالبة بتأجيلها أو إلغاء موعدها.
وقال الصدر، في معرض رده “إنني حزين أن يشارك الشعب العظيم في انتخاب الفاسدين وسراق المال الذين لم يسترجعوا إلى يومنا هذا بما فيها صفقة القرن التي وزعت على محبي الصفقات”، وفيما تعهد بأنه “سيبقى جنديا أمام كل ما يعصف من تحديات ومصائب”، أكد أنه “سيدافع عن العراق أمام أي تحديات مستقبلية كي يعيش البلاد بلا فساد ولا تبعية ولا طائفية مقيتة”، على حد قوله.
ورغم انسحابه، يظل التيار الوطني الشيعي، لاعبا مؤثرا في الشارع العراقي، سواء من خلال جمهوره الكبير أو عبر تحركاته الشعبية التي كان لها دور حاسم في أكثر من محطة مفصلية، ما يجعل إمكانية عودته إلى العملية الانتخابية محط أنظار القوى السياسية والمراقبين سواء بسواء.
وفي الشهر الماضي، أعلن الصدر، عدم مشاركته في الانتخابات المقبلة، معللا ذلك بوجود “الفساد والفاسدين”، فيما رأى أن العراق “يعيش أنفاسه الأخيرة”.
ويرى مراقبون أن إعلان الصدر عدم خوض الانتخابات المقبلة، من شأنه أن يُحدث فراغا سياسيا داخل البيت الشيعي، ويفتح الباب أمام قوى أخرى، لإعادة رسم خارطة التوازنات، في وقت يمر فيه العراق بتحديات داخلية معقدة، تتطلب حضورا سياسيا قويا ومؤثرا.
ويعتقد متابعون أن غياب التيار الصدري عن المنافسة الانتخابية القادمة، سيعيد تشكيل الخريطة السياسية في العراق على نحو غير مسبوق، لا سيما أن التيار كان يشكل ثقلا نوعيا داخل البرلمان، فضلا عن تأثيره الشعبي والاجتماعي الواسع، ما سيمنح أطرافا أخرى الفرصة لملء هذا الفراغ، خصوصا تلك المتحالفة ضمن الإطار التنسيقي الذي يتطلع لتعزيز نفوذه.
وفي موسم الانتخابات، تصرف مبالغ “سخية”من المرشحين، لتقديم الخدمات إلى المواطنين لغرض كسبهم، حتى وصلت في بعض الأحيان إلى شراء الأصوات في مقابل مبالغ معينة توزع على أفراد العائلة الواحدة.
وينتظر العراق خلال الأشهر المقبلة، استحقاقا انتخابيا جديدا لمجلس النواب، مما يفتح الأبواب على متغيرات مهمة قد تكون بعضها مفاجئة، في وقت يشهد فيه الشارع حالة من الترقب المشوب بالقلق، حيال مخرجات المرحلة المقبلة، في ظل تنفيذ واشنطن سياسة الضغط القصوى على إيران، وإنهاء تأثير حلفائها ووكلائها في الشرق الأوسط الجديد.
وكان مختصون في الشأن السياسي، حذروا، من خطورة استخدام المال السياسي في الانتخابات المقبلة، مؤكدين بأنه سبب رئيس في خراب العراق، وفيما شددوا على ضرورة الحد من تدخل المال الفاسد في الانتخابات، لنحظى بانتخابات نزيهة، نبهوا إلى أن القوى الناشئة غير قادرة، وليس في استطاعتها مجاراة المال السياسي، الذي تمتلكه الأحزاب والكتل السياسية المشكلة للنظام بعد 2003.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- وصفت بـ"أضعف القمم".. لماذا غاب الزعماء عن قمة بغداد؟
- اكاديمية الثقلين للتوحد في البصرة : تعالج (4) الاف طفل مجانا بـ"مليار" دينار وعلى نفقة العتبة الحسينية
- تطمينات وتحذيرات.. حرب الانتخابات تصل إلى الرواتب