
يستمر الجدل في العراق، حول الاستقرار المالي للبلاد، في ظل تذبذب أسعار النفط عالميا، فيما تبقى جداول موازنة العام الحالي حبيسة رفوف الحكومة، لأسباب يرجعها مراقبون إلى وجود مخاوف حكومية من استغلالها في الدعاية السياسية، مع قرب حلول الانتخابات التشريعية، فيما ترى المالية النيابية، جداول موازنة 2025 أصبحت من الماضي، ولن يتم التصويت عليها، وذلك بسبب عدم وجود أموال لتمويلها، خاصة مع عدم صرف أموال موازنة 2023 و2024 حتى الآن.
وفي تطور جديد، أكد النائب زهير الفتلاوي، تقديم شكوى رسمية لدى الادعاء العام، ضد الحكومة التنفيذية، بسبب عدم إرسال جداول الموازنة العامة الاتحادية لعام 2025 إلى مجلس النواب.
ويعتمد العراق بشكل كبير على صادرات النفط لتمويل موازنته السنوية، إذ تشكل العائدات النفطية أكثر من 90% من إجمالي الإيرادات، ومع تقلب أسعار النفط في الأسواق العالمية، تتأثر الخطط المالية والإنفاق الحكومي بشكل مباشر.
وكانت الحكومة قد أقرت موازنة ثلاثية للأعوام 2023 – 2024 – 2025، لكن المتغيرات الاقتصادية العالمية، وارتفاع نسب العجز، دفعت إلى إعادة النظر في جداول موازنة 2025، ما أدى إلى تأخير إرسالها للبرلمان، وسط مخاوف من تأثير ذلك على المشاريع الاستثمارية، ورواتب الموظفين والخدمات الأساسية.
وقال الفتلاوي، إن “تأخر الحكومة في إرسال جداول الموازنة، تسبب بتأخير صرف مستحقات الموظفين، من علاوات وترفيعات ونقل خدمات، ناهيك عن توقف أغلب المشاريع الخدمية، وعدم دفع مستحقات الشركات المنفذة، ما ألحق ضررا بالغا بشريحة واسعة من المواطنين”.
وأضاف، أن “الشكوى جاءت حرصا على مصالح أبناء الشعب وحقوقهم التي تتعرض للضياع بسبب هذا الإهمال، ونثق بالقضاء العراقي ونعلق عليه أملنا في استكمال الإجراءات القانونية بحق المتسببين بالضرر على المواطنين والمؤسسات الحكومية”.
وكان عضو اللجنة المالية النيابية، مصطفى الكرعاوي، أكد الأحد الماضي، أن الحكومة منذ البداية لم تكن لديها أي جدية في إرسال جداول موازنة سنة 2025 إلى البرلمان لغرض التصويت عليها، وذلك بسبب عدم وجود أموال لديها لتمويل هذه الموازنة من المشاريع وغيرها، خاصة وهي لم تصرف أموال موازنة 2023 و2024 حتى الآن بسبب هذا النقص”، مبينا أن “مجلس النواب معطل منذ أشهر، ولا نعتقد ما تبقى من أشهر قليلة سوف يعقد البرلمان أي جلساته، ولهذا جداول موازنة سنة 2025 أصبحت من الماضي، ولن يتم التصويت عليها، والعمل سيكون بالأشهر المقبلة فقط على صرف الرواتب، دون إطلاق أي مشاريع جديدة”.
وأكد الخبير الاقتصادي، همام الشماع، في تصريح سابق، أن “جداول الموازنة لن تقدم إلى البرلمان إلا بشكل متأخر، لأن العام 2025 هو عام انتخابات، وهذه الجداول ستظهر حجم الإنفاق الذي تصر الحكومة على عدم إظهاره بسبب الخروق”.
وأضاف، أن “الحكومة قد تبرر تأخير الجداول بأنها تدرس إمكانية إعداد موازنة تقشفية، بسبب انخفاض أسعار النفط واحتمالات الركود العالمي، لكن ذلك لا يبرر كل هذا التأخير، فالمبرر الرئيسي لعدم تحويلها هو الحرص على عدم إظهار الخروقات في الموازنة”.
وفي منتصف الشهر الماضي، بين عضو اللجنة المالية النيابية، عدي عواد، أسباب تأخير إرسال الموازنة العامة الاتحادية إلى مجلس النواب لإقرارها لغاية الآن، حيث وجد أن من بينها، الوضع السياسي، وقرب إجراء الانتخابات، وعدم وجود إرادة سياسية لإقرار جداول قانون الموازنة، وهذا ما ساهم في تأخيرها، متوقعا أن “لا تكون هناك موازنة لعام 2025 بسبب عدم وجود إرادة حقيقية لدى الحكومة لإرسالها إلى البرلمان”.
يذكر أن المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أرجع سبب تأخير إرسال جداول موازنة 2025 لمجلس النواب حتى الآن، إلى “تعديلات تخص تكاليف استخراج ونقل نفط إقليم كردستان، مما تطلب إعادة سُبل الاحتساب”.
يشار إلى أن مجلس النواب، صوت على مشروع قانون التعديل الأول لقانون الموازنة العامة الاتحادية، وذلك بعد تأجيل دام لعدة جلسات وتحذيرات من أزمة مالية جراء ذلك التعديل.
وتضمن المشروع تعديلا للمادة 12 من قانون الموازنة، والتي تشمل فقرتين، الأولى تتعلق بكلف إنتاج ونقل نفط إقليم كردستان بعد تحديد الكلف التخمينية الحقيقية عبر الهيئة الاستشارية”، فيما نصت الفقرة الثانية، على أنه في حال عدم اتفاق الحكومتين الاتحادية والإقليم على كلف الإنتاج والنقل، فإن وزارة النفط تتولى اختيار جهة لتحديد تلك الكلف، وعلى إثر ذلك يتم احتساب كلفة استخراج النفط من الحقول النفطية في الإقليم
يشار إلى أن تعديلات الموازنة الاتحادية، أثارت استياء نواب من الوسط والجنوب، حيث وجدوا أنها منحت امتيازات كبيرة لمحافظات إقليم كردستان، ورفعت سعر برميل النفط المخصص للإقليم، وهو ما اعتُبر استنزافا لميزانية الحكومة الاتحادية على حساب بقية المحافظات.
الجدير بالذكر أن موازنة 2024، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية، ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
وصوت مجلس النواب، في 12 حزيران 2023، على قانون الموازنة الاتحادية للأعوام 2023 و2024 و2025، في بادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد من حيث حجم الموازنة، وكذلك عدد السنوات المالية، بقيمة 197 تريليونا و828 مليار دينار، بعجز مالي قدره 63 تريليون دينار، أي ما يقارب ثلث الموازنة.
وتضمنت نسخة الموازنة المعدة لثلاث سنوات، العديد من المواد الخاصة بالاقتراض الخارجي، منها الاستمرار بالاقتراض وفقا لاتفاقيات سابقة، إلى جانب اقتراض جديد من مؤسسات دولية وحكومات مختلفة.
أقرأ ايضاً
- السوداني يوعز بتخصيص أراضٍ سكنية لوزارة الداخلية
- السوداني يعلن ائتلافاً انتخابياً يضم "تياره" وعلاوي والأسدي والفياض والخطابي والصيهود والدراجي
- عون يشكر الـ20 مليون دولار.. السوداني يؤكد حرص العراق على دعم لبنان