
كشف احد المتعافين من الادمان ان احد اصدقائه خدعه وورطه بتعاطي المخدرات عبر "حبة" اخبره انها مقوية وتعطي القوة، وكانت النتيجة انه ادمن عليها وترك عمله والقي القبض عليه وسجن وعاد مرة اخرى للإدمان، وبعد ان كان اسطة "حديد تسليح" ويعيش بامان وهدوء مع عائلته الصغيرة، اصبح انسانا اخر يظن كل من ينصحه هو ضده.
صديق السوء
وقال النزيل "م ، ك" من مواليد (1991) ويسكن احدى المحافظات الوسطى لوكالة نون الخبرية انه " يعمل منذ كان عمره (16) عاما "حداد تسليح البناء" واستمر بالعمل لمدة (10) سنوات، وعمله مع جيرانه الاسطة المتخصص بتسليح الدور في البناء حتى اصبح اسطة، وهو غير متزوج ويسكن مع اهله في دار مؤجرة، ولديه اخ واحد واخوات متزوجات، وكانت حياته طبيعية ومورده المالي جيد ويكفيه ويساعد عائلته في عيشها، ووصل في دراسته الى الصف الثالث المتوسط وترك الدراسة دون اكماله، بدأت عملية توريطه بتعاطي المخدرات في العام (2017) عن طريق صديق يعمل معه في مهنته، يصفه بـ"صديق السوء" خدعني عندما عرض علي تناول "حبة" اخبرني انها مقوي وتعطي قوة للجسم ولا يشعر الذي يتعب بعمله بأي ارهاق، ونحن نعمل بالحديد وعملنا متعب، وقد وثقت بكلامه لانه صديقي ونعمل سوية منذ اعوام ونسكن في نفس المنطقة، ونلتقي خارج اوقات العمل كثيرا، والمشكلة اني عندما اعطاني دون مقابل اول "حبة" وتعاطيتها صباحا في بداية العمل لم اشعر في اليوم الذي تعاطيت به بالتعب واصبح جسدي قوي واشعر بالنشاط والحيوية وتبين انها حبوب مخدرة من نوع "كبتاكون"، او ما يسمونه في سوق المخدرات (صفر واحد)، وانتهى اليوم الاول والامور طبيعية فجاء في اليوم الثاني واعطاني "حبة" ثانية دون مقابل ايضا فتعاطيتها، حتى وصل الى اعطائي الحبوب لخمس مرات مجانا واقوم بتعاطيها، وبعد مدة ومع انتهاء مفعول "الحبة" اصبحت اشعر التعب، والنحول، وصعوبة في تحريك يداي ورجلي، واشعر بالإرهاق، والامتناع عن تناول الطعام او الشراب لعدم وجود شهية له، ولا استطيع العمل واخرج للعمل ولغاية الساعة العاشرة واترك العمل واعود الى البيت وأثر ذلك على رزقي، فطلبت منه اعطائي "حبة" فطلب مني مبلغ (5000) دينار عن كل "حبة" يجهزها لي، حتى وصلت الى مرحلة الادمان عليها".
نهاية محتومة
يكمل حديثه عن المأساة والمعاناة التي مر بها واصبح مدمنا على المخدرات ويقول" في العام (2017) القي القبض علي من قبل منتسبي مديرية مكافحة المخدرات بعد ان القي القبض على صديقي الذي ورطني بالإدمان وتبين انه يعمل مروج للمخدرات واعترف على من يجهزهم بالكبتاكون وكان عددهم كبير ومنهم جميع العاملين معنا في حديد التسليح وانا منهم، وظهر انه كان يخطط لتوريطنا جميعا ليستفاد ماديا، ولا يهمه الحاق الاذى بنا وبعائلاتنا نتيجة الادمان الذي جر ارجلنا اليه، وحكم علي بالسجن لمدة سنة واحدة، وعندما وضعت في سجن بمحافظتي لمدة خمسة اشهر ارتحت قليلا لاني ابتعدت عن تعاطيها وبدأت اصمد امام مضاعفاتها، ولكن في نفس العام نقلت الى سجن كبير في العاصمة بغداد لقضاء الاشهر الاربعة المتبقية من الحكم الصادر بحقي لان السنة في السجون تحتسب (9) اشهر، وعاد الضرر علي لان تلك الحبوب يتم تداولها وبيعها داخل السجن بشكل طبيعي جدا اكثر مما يتم تداولها في المدن والمناطق السكنية، ووجدت ان المتعاطين من مختلف الاعمار الشبابية والكبيرة، وتباع الحبة الواحدة بمبلغ (3000) داخل السجن، وكوني كاسب ولا اعمل فليس لدي الامكانية لشرائها لكن هناك في السجن من هم متمكنين ماديا والمتعارف داخل السجن ان من يستطيع شرائها يوزع لمن لا يستطيع الشراء، فعدت مرة ثانية الى الادمان".
انتكاسة ثانية
عاد الى الادمان وانتكست حالته هذه المرة بشكل كبير ويصفها بالقول" بدأت اشعر بالانهيار النفسي ووصف لي الاطباء علاج لامراض نفسية، واصبحت عدواني واتشاجر كثيرا اذا لم أتعاطي الحبوب المخدرة ارتكب افعال تسبب لي ولغيري المشاكل، وجميع تصرفاتي بدون وعي مني، مع العلم ان طبيعتي قبل التورط بالإدمان هادئة وغير عدوانية وانا من عائلة صغيرة مسالمة، واكملت محكوميتي وجئت الى اهلي فوجدتهم انتقلوا للسكن في محافظة اربيل وعرفت ذلك من اقاربي الذين يسكنون قربنا، فجاء اهلي الى منطقتنا القديمة واخذوني الى اربيل، ونحن من بيت معروف باخلاقه وتدينه وسمعته وعشيرة محترمة ومشهورة وسكنت معهم دون مشاكل لان والدي كان يقسوا علي عندما ارتكب الاخطاء والمشاكل بعد ان عرف اني ادمنت على المخدرات، وكنت اعتبر كل ما ينصحوني به هو ضدي وانهم لا يحبوني، ولكنه بعد ان سجنت عاملني بلطف واهتمام كأنما صديق له، وافتتح لي محل لبيع الملابس، وتركت المخدرات وتحسنت حالتي كثيرا، وقرر والدي في العام الماضي (2024) تزويجي واخترنا احدى قريباتي للزواج منها، وجئنا الى محافظتنا القديمة لاجراء مراسم الخطوبة وعقد القران لانهم يسكنون نفس المنطقة القديمة التي كنا نسكنها، ولان اجراء مراسم الخطوبة يتطلب المبيت ليوم او يومين اتصل بي احد الاصدقاء من محافظتي القديمة تعرفت عليهم في اربيل ودعاني الى وليمة غذاء وهو امر طبيعي بعد فراق بيننا، وكان هو في بغداد وارسل لي اخوته ليأخذوني الى بيته لتلبية دعوة الوليمة، فدخلت الى البيت ووجدت (5) اشخاص جالسين في صالة الاستقبال وعرفت انهم اصدقائهم، فاخرجوا مادة "الكريستال" المخدرة وتعاطوها امامي، ودعوني لتناولها لكني رفضت، وداهمتنا مفارز مديرية مكافحة المخدرات بعد ان علمنا ان احدهم مطلوب ومرصود من قبل الجهة الامنية، فاعتقلونا جميعنا لان المخدرات وادوات التعاطي موجودة في الغرفة التي نجلس فيها، وبقيت محجوزا لمدة (16) يوما وخرجت بكفالة، وذهبت الى اربيل وتم استدعائي بعد خمسة اشهر بعد ان اعترف المتعاطين انهم لا يعرفوني ولم اتعاطى معهم واني حضرت كضيف، وصدر احكام قضائية مختلفة بحقهم تراوحت بين (6 ــ 10) سنوات، بينما وبسبب سوابق المخدرات صدر حكم بحقي لمدة سنة واحدة".
سبيل النجاة
هذه المرة لم يرسل المتعاطي سابقا الى السجن بل ارسل الى المصحة النفسية التي تعتبر واحدة من عشرات المصحات التي وفرتها وزارة الداخلية لعلاج المتعاطين واعادته الى الطريق السوي ويقول عنها" ان الله يحبني عندما ادخلني الى المصحة النفسية في الخامس من آذار من العام الماضي التي لم اكن اعرف عنها شيئا، وباشرت في برنامج التأهيل الذي يطبق على النزلاء واصبحت ملتزما بصلاتي بأوقاتها واتعبد وأقرأ القرآن والادعية المأثورة، واحرص على حضور المحاضرات الدينية، ومحاضرات التنمية البشرية، وامارس الرياضة الصباحية، واصبحت رجلا يتكلم بعقلانية بعد ان كنت لا استطيع نطق جملة واحدة صحيحة، وعادت لي شخصيتي والفضل كله يعود الى ادارة المصحة من كبار الضباط وجميع المنتسبين والمتخصصين بعلاجنا ورجال الدين، لان المتعاطي هو مريض ومن يصر على عدم العلاج يبحث عن الهلاك لان في المصحات النفسية علاج وتأهيل واعادة بناء للانسان وتحميه وتحمي عائلته وسمعتهم، ويعود الى اهله واصدقائه وعشيرته وابناء منطقته، ويشعر بقيمة نفسه، ومن يصر على السير بطريق المخدرات سيتحول الى مجرم قد يقتل اهله كما شاهدت مدانين في السجن ارتكبوا جرائم زنا بالمحارم، ومنهم من قتل ابوه وآخر قتل اخوه، والثالث كان جالسا مع زوجته في البيت واطلت مذيعة في احدى القنوات الفضائية على الشاشة فقام بطعن زوجته بالسكين وهو يصيح "لم تكتفي بالموبايل واصبحت تظهرين بالتلفزيون" وقتلها بدم بارد بعد ان تخيل ان المذيعة هي زوجته التي تجلس جنبه".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- أزمة الكهرباء.. الوزارة تطلب دعما ماليا ومجلس بغداد يتوعد باستجوابات
- تقرير النزاهــة عن واقع حال وزارة التربية ومديرياتها
- تسليم (330) الف راتب معين متفرغ ..وزارة العمل والشؤون الاجتماعية: (4) ملايين معاق في العراق(فيديو)