بقلم: بسام رعد - باحث اقتصادي

نشر موقع وزارة المالية حساب الدولة لغاية كانون الأول 2024 للموازنة الاتحادية، وفقاً للبيانات المنشورة بلغت المصروفات الجارية (114،486) تريليون دينار، أما المصروفات الاستثمارية فقد بلغت (25،313) تريليون دينار.

بحساب نسبة المصروفات الجارية إلى المصروفات الاستثمارية فأنها تبلغ حوالي 452,4%.

من المعلوم أن الموازنة العامة للدولة تعتبر أداة حيوية في تحديد أولويات الإنفاق وتوجيه المالية نحو القطاعات الأكثر أهمية.

وفي أي موازنة حكومية يتم تقسيم الإنفاق إلى نوعين رئيسين (مصروفات جارية، مصروفات استثمارية). المصروفات الجارية تشمل النفقات التشغيلية اليومية مثل رواتب الموظفين، المستلزمات الخدمية والسلعية، وصيانة الموجودات. أما المصروفات الاستثمارية، فهي موجهة نحو المشاريع التنموية مثل بناء البنية التحتية، تحسين الخدمات العامة، وتطوير القطاعات الإنتاجية.

الملاحظ أن النسبة المرتفعة للمصروفات الجارية التي تزيد بحوالي 4.5 أضعاف عن المصروفات الاستثمارية، تعكس هيمنة المصروفات الجارية على الحسابات المالية. وهذا يعني أن الحكومة قد تكون غير قادرة على تخصيص موارد كافية للمشاريع الاستثمارية التي تعزز النمو الاقتصادي على المدى الطويل. مما قد يؤدي إلى تدهور البنية التحتية ونقص بالخدمات الأساسية.

كما أن المصروفات الجارية لا تسهم بشكل مباشر في زيادة الإنتاجية أو خلق فرص عمل جديدة، بل تركز على تغطية النفقات التشغيلية بالإضافة إلى أنها تستهلك الموارد المالية دون تحقيق عائد اقتصادي مستدام. وبالتالي زيادة العبء المالي على الموازنة نتيجة الاعتماد بشكل كبير على الإيرادات النفطية لتغطية النفقات، مما يجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات أسعار النفط. وبالنتيجة يؤدي ذلك إلى عجز مالي مستمر، وتضطر الحكومة الاقتراض لتغطية النفقات، وهو ما يزيد من المديونية العامة ويهدد الاستدامة المالية على المدى الطويل.

ختاماً ..

النسبة المرتفعة للمصروفات الجارية تعكس أزمة هيكلية في الاقتصاد العراقي، وتمثل تحديا كبيرا للتنمية الاقتصادية طويلة الأجل. يجب على الحكومة إعادة هيكلة الموازنة لتوجيه المزيد من الموارد نحو المشاريع الاستثمارية التي تعزز الإنتاجية، دون ذلك سيستمر التدهور في البنية التحتية وفرص العمل.