
كأنها خارج نطاق العمران الحضاري فهي مجموعة مناطق تحيطها نفايات الطمر الصحي من كل جانب مثل طوق بيئي ملوث، يصل احيانا الى ارتفاع تلول ظاهرة، وكل يوم عند غروب الشمس ترتفع السحب السوداء لتغطي سماء تلك المناطق بسمومها ودخانها وتلوثها، وبين هذا وهذا تفتقد المناطق الى شبكات تصريف مياه الامطار والمياه الثقيلة وتبليط الشوارع، وبعضها للماء الصالح للاستخدام البشري، انها مناطق اصيب اهلها بالامراض والاوبئة وما زالت معاناتهم قائمة.
تلوث منذ عقود
ويقول المواطن "علاء طعمة عبد" من منطقة العماري في تصريح لوكالة نون الخبرية ان" المنطقة منكوبة بسبب النفايات التي ما زالت تفرغ في مناطق الطمر الصحي التي الغيت منذ سنوات وعمليات حرقها وسحب الدخان السامة التي تغطي مناطقنا يوميا، كما لا توجد في مناطقنا التي تمتد الى حوالي (4) كيلومترات شبكات لتصريف المياه الثقيلة ومياه مجاري الامطار، والشوارع غير مبلطة وتصبح في الشتاء عند هطول الامطار برك للاوحال والاطيان، ويصعب سير الناس والطلبة الذين تبعد مدارسهم عن مناطقنا بمسافات بعيدة والموظفين والكسبة خلالها، وفي فصل الصيف تتبقى برك عفنة نتنة تفوح منها الروائح الكريهة المسببة للامراض، وبسبب الثلوث والنفايات التي تحرق ومنها مخلفات طبية ظهرت امراض كثيرة في المنطقة ومنها اصيب شقيقتي بالفشل الكلوي وهي واحدة من حوالي (20) اصابة ظهرت في المنطقة التي شيدت فيها اكثر من الفي بيت ويسكن احيائها بمجملها قرابة المليون شخص"، مبينا ان "حالات مرضية اخرى ظهرت جراء التلوث منها الامراض السرطانية والجلدية والتنفسية"، منوها الى ان" مطالب الاهالي الذين اغلبهم من الطبقة الفقيرة تتلخص في تحويل هذه الارض الواسعة التابعة ملكيتها الى الدولة التي لم تستغل من عشرات السنين وما زالت منطقة للطمر الصحي الى مشاريع خدمية لاهالي المنطقة مثل بناء المدارس او المتنزهات او الملاعب او اية دوائر خدمية اخرى، وفي كل يوم وعند غروب الشمس يبدأ حرق النفايات وتغطي المنطقة سحابات الدخان الاسود وتختنق الناس منه وتصيبها الامراض مع نقص تجهيز الطاقة الكهربائية ونقص خدمات البنى التحتية".
ماء شحيح
اما المواطن " السيد طالب كاظم" من منطقة العماري فأكد لوكالة نون الخبرية ان" واحدة من مشاكل الاهالي في المنطقة هي الحصول على الماء ونحن في منطقة الزراعي يبعد عنا لمسافة بعيدة، وكذلك تفتقد المنطقة الى التبليط وشبكات المجاري، وضعف في تجهيز الطاقة الكهربائية، واجبرنا على ايصال الماء الى بيتنا بتحمل نفقات التأسيس او مد الانابيب من مسافة كيلومتر واحد بعد الحصول على موافقة من الجهة الحكومية المعنية وكلفتني بحدود (450) الف دينار، ولم نحصل على اي موافقة او مساعدة من المجلس البلدي بعد مراجعات لمدة سنتين كاملة، كما نعاني من صعوبة وصول الماء الصالح للشرب (الآرو) الى منازلنا لعدم امكانية دخول السيارات او (الستوتات) الى مناطقنا، وكذلك سيارات بيع اسطوانات الغاز خشية تعرض اطاراتها الى الضرر في شوارعنا التي دفنت بمخلفات البناء لاكثر من مرة"، مؤكدا ان" مناطق قضاء الزوراء المتمثلة بحي النصر والمعامل والعماري والباوية وحسينية المعامل تحتاج الى مستشفى جراحي متكامل، لان المركز الصحي لا يفي بالغرض ولا يسد حاجة الزخم السكاني المتزايد، وفي حالة حصول حالة مرضية طارئة يتطلب نقلها الى مستشفيات مدينة الصدر او مدينة الطب في الباب المعظم او مستشفى الكندي قرب مرآب النهضة او الى مستشفيات مدينة الكرادة، وكثير من الحالات كاد المريض يفقد حياته فيها بسبب بعد المسافة بين مناطقنا والمستشفيات، ومنها حالة تعرض لها شقيقي، وحالة اخرى لوالدتي انقذنا فيها احد المستشفيات الاهلية لحين نقلها الى مستشفى حكومي، واضافة الى ذلك تفتقد مناطقنا الى التبليط والمجاري والمتنزهات والملاعب والكهرباء والماء".
بلا راتب رعاية
من جانبه اكد المواطن "فاضل عبد علي" من منطقة العماري في حي المعامل لوكالة نون الخبرية ان" اثنان من ابنائه يبلغ احدهما من العمر (11) عاما اصيب منذ كان عمره (3) سنوات، والآخر (4) اعوام اصيب منذ كان عمره (6) اشهر من جراء تلوث المنطقة بالنفايات وحرقها وهطول الامطار والوحل والاطيان بحمى مستديمة ادت فيما بعد الى اصابتهم بمرض "تلف الدماغ"، وراجعت احد الاطباء المتخصصين في عيادة وبعد اجراء الكشف الطبي والفحوصات المطلوبة تبين انهم اصيبوا بضمور بالدماغ ولا علاج لهم، والى الآن لم احصل على راتب الرعاية الاجتماعية لهم، بالرغم من مراجعاتي الكثيرة الى الدائرة المعنية منذ اكثر من سنتين، كما لم احصل انا المعاق ايضا على راتب الرعاية الاجتماعية، وكذلك عندي ابنتي الكبيرة مريضة ولا راتب رعاية لها، ولا استطيع العمل كوني معاق، وتكفل ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ "احمد البغدادي" بمساعدتي وعلاجي بمبلغ (4) ملايين دينار وساعدني بتوفير بعض مواد البناء، وكذلك ساعدني الكثير من الاخوة بأمر ممثل المرجعية الدينية وتبرع لي بعض الميسورين".
قاسم الحلفي ــ بغداد
تصوير ــ علي فتح الله
أقرأ ايضاً
- سحب "الأمانات الضريبية" لتمويل الرواتب.. فشل في السياسة المالية ينذر بـ"الاقتراض"
- مطامر نفايات غير قانونية تهدد حياة العراقيين
- أدخنة النفايات والمعامل تخنق سماء بغداد.. فأين الحلول؟