
"بهلول الكوفي" هو أبو وهب بهلول بن عمرو الصيرفي الكوفي ولد في مدينة الكوفة وكان شاعرا حكيما وكاملا في فنون الحكم والمعارف والآداب في زمن عهد "هارون العباسي" وتظاهر بالجنون لكي يتخلص من متابعة الخلفاء العباسيين له بسبب ولائه لاهل البيت (عليهم السلام) فتصرف تصرف المجانين والدراويش، وتوفي سنة (197)هـجرية كما ذكر ذلك "محـمد بن اسحاق" النحوي الوشاء في كتابه "الفاضل في صنعة الأدب الكامل" ودفن في مقبرة "الشونيزية"، وله مرقد وقبرهِ معروف في بغداد اليوم في مقبرة الكرخ القديمة، ولقد عمر مرقده كاظم باشا سنة(1893) ميلادية، وبنى له بنياناً حسناً وعليه قبة، وهو من المراقد الأثرية التي تقع خلف مرقد الشيخ معروف الكرخي.
وعاصر(البهلول) الإمامين جعفر الصادق وموسى الكاظم (عليهما السلام)، وهو في قمة الكمال، والمعرفة، والعقل، و كان يتصرف تصرف المجانين للتخلص من شرور خلفاء العباسيين، ويظهر ما ليس به ، وذلك بأمر من الإمام الكاظم (عليه السلام)، لحفظ نفسه ودينه، والتمكن من التصرف على إزهاق الباطل وإظهار الحق عن طريق البلاهة ، فاشتهر بالمجنون خلافاً للواقع والحقيقة، لعلو مقامه وفضله وجلالة قدره، ومن شعره في حب آل محمـد يقول..
برئت إلى الله من ظالم ... لسبط النبي أبي القاسم
ودنت إلهي بحب الوصي... وحب النبي أبي فاطم
وذلك حرز من النائبات... ومن كل متهم غاشم
بهم أرتجي الفوز يوم المعاد... وأنجو غداً من لظى ضارم
زائرون اجانب
ويقول خادم المرقد " رعد حامد صابر" الذي باشر خدمته في المرقد متطوعا منذ العام (1998) في تصريح لوكالة نون الخبرية انه" كان يخدم زوار المرقد ويتكفل بانجاز أي عمل يكلف به وخاصة في صيانة الكهرباء او باقي الاحتياجات، وبعد سقوط النظام المباد ودخول قوات الاحتلال الاميريكية فرغ المرقد ولم يبقى احد مسؤول عنه، ولم تشكل حكومة رسمية بقيت خادما وحارسا في وقت واحد، ومن المؤسف ان سيرة هذا الرجل الحكيم الذي اعجز "هارون العباسي" بعلمه وعقله رغم انه يطلق عليه المجنون لم تجد التغطيات الاعلامية والصحفية التي تبين رجاحة عقله وحكمته ودينه، كما لم يشيروا الى مكان مرقده في بغداد، بل لم نجد من الوقفين الشيعي والسني أي اهتمام بهذا الجانب، رغم ان زائرين يقصدونه من خارج العراق اعدادهم كثيرة من الهند الذين يطلقون عليه اسم "بهلول دانا" أي "المقدس"، والباكستان، وجنوب افريقيا، والروس، والشيشان، والمسلمين الصينيين، ومن مسلمي دول القوقاز"، مشيرا الى انهم" يعرفون سيرته والحوادث التي حصلت له مع الحكام او الناس".
لا تدوين لسيرته
ويضيف "صابر" اننا "نفتقد هنا الى أي كتاب سطر احرفه كاتبا من عندنا ولا توجد سيرة خاصة به، ولم تجرى أي لقاءات اعلامية او برامج تذكر فيها سيرته بأي وسيلة اعلام، وبعض الدول تتمنى ان يكون فيها مرقد لمثل هذه الشخصيات"، مؤكدا ان "هناك اشخاص متبرعين للمرقد من الهنود والباكستانيين وجنوب افريقيا، وحاليا اكثر المهتمين والمتبرعين من اندونيسيا، وعلى قدر ما نستطيع نقدم أي خدمة بسيطة للزائرين من خلال ترتيب هذه القاعة التي اهملت سابقا وحولت الى قاعة ومسجد يتمكن الزوار من اداء الصلوات فيها والاستراحة، لان اعداد الزائرين كثيرة جدا، وقد يتجاوز (3 ــ 5) الف زائر، في السنة الواحد وخاصة في موسم ولادة الشيخ "عبد القادر الكيلاني"، حيث يقومون بزيارة المراقد المقدسة في بغداد، ونقدم لهم المياه الباردة والقاعة والتبريد وهذا ما نقدر على تقديمه، ونقوم بتقديم شرح عن المرقد وسيرة صاحبه لمن يتحدث العربية منهم ليترجم لهم، وهذه المعلومات توفرت لدينا من قراءة بعض كتب السيرة القديمة بطبعات لبنانية ومعلومات العاملين القدماء في المرقد، ومن الحوادث التي نقلت الينا ان وزير الاوقاف في حكومة عبد الكريم قاسم آنذاك "منذر الواعظ" قام عام (1960) بفتح القبر واطلع على الجسد الذي كان على هيئته دون تفسخ وشاهد شعره الطويل واكد انه بالفعل "البهلول" ، واعاد تأهيل القبر والمرقد".
روايات قديمة
ويستطرد خادم المرقد في ذكر الحوادث عنه قائلا ان" الخليفة العباسي المأمون حزن عند سماعه بوفاة البهلول الكوفي "أبا وهب" باعتباره كان صديقا لوالده الرشيد ويعود بصلة قرابة لهم كونه من العباسيين، وقام بدفنه هنا في مقبرة "الشونيزية"، تنفيذا لوصية "البهلول" التي قال بها "ادفنوني حيثما وجدتموني"، وكانت القبة المبنية على القبر صغيرة وبطراز العهد العباسي وحصل توسعة وتطور في البناء، بعد ان تكفلت وزارة الثقافة بتأهيله في العام (2012) بمناسبة اختيار بغداد عاصمة للثقافة العربية والاسلامية، ولكن المعاناة بدأت مع تغيير القبة الصغيرة بالقبة الكبيرة الموجودة على المرقد حاليا، حيث كان تنفيذها غير صحيح واصبحت مياه الامطار تتسرب الى الداخل"، مبينا ان" المرقد يحتاج حاليا الى عمليات تأهيل بالكامل لما يعانيه من اهمال مع الحفاظ على تراثيتها وتاريخها، واحتفظت بكثير من الاحجار التي ازيلت من المرقد ورميت وهي من البناء الواغل بالقدم".
قاسم الحلفي ــ بغداد
أقرأ ايضاً
- زائريه لا ينقطعون... مشروع تأهيل يلحق الضرر بمرقد النبي يوشع في بغداد ويغلقه
- أول عيد بلا سرطان.. قصة انقاذ "ليان" من سرطان الدم (فيديو)
- لافتات المرشحين تغزو الشوارع.. هل تفلت الدعاية المبكرة من رقابة المفوضية؟