
تضاعفت مخاوف العراقيين مع ارتفاع وتيرة الحرب بين إسرائيل وإيران، وتبادل التهديدات بقصف المفاعلات النووية، ولعل الهاجس الأكبر هو التداعيات الخطيرة التي قد تحصل لعدد من المحافظات العراقية، إذا قصفت إسرائيل مفاعلات نووية قرببة من الحدود العراقية الإيرانية.
وكشف مرصد العراق الأخضر، عن عدم تسجيل أي نشاط اشعاعي في الأجواء العراقية جراء الهجوم على المنشآت النووية من قبل إسرائيل، مشيرا إلى أن ثلاث محافظات هم الأكثر عرضة للإشعاع في حال تكررت الهجمات العسكرية على المفاعلات النووية الإيرانية، وتحديدا “فوردو” و”بوشهر”.
ونقل المرصد في بيان، عن الخبير الكيميائي، أيوب حسن، قوله إن “المحافظات الثلاث (البصرة، ميسان، ذي قار)، تعتبر الأكثر عرضة للإشعاع، في حال تكررت الهجمات العسكرية على المفاعلات النووية الإيرانية، وتحديدا مفاعلات (نطنز – فوردو) المستخدمة لتخصيب مادة اليورانيوم (المشع)، ومفاعل (بوشهر) المستخدم لإنتاج الطاقة الكهربائية، الذي يحتوي ضمن مواده التشغيلية على عناصر اليورانيوم، والسيزيوم، والسترونتيوم”.
وأضاف، أن “مفاعل نطنز وهو أكبر موقع لتخصيب اليورانيوم، ويحتوي على منشأتين تحت الأرض، ومستوى التخصيب فيه لم يتجاوز 5% (أي خطورته وسطى) على الأجواء العراقية في حال تعرضه مستقبلا لانفجار متكامل، حيث يبعد 400 كم جوا عن الحدود العراقية، و650 كم جوا عن العاصمة، فيما يبعد مفاعل بوشهر المستخدم لإنتاج الطاقة الكهربائية في إيران 450 كم جوا عن مدينة البصرة، و500 كم جوا عن مدينة العمارة، وقرابة الـ 700 كم جوا عن بغداد”.
وفقا للخبير، فإن “مفاعل فوردو، المحصن جبليا، والذي يتم فيه تخصيب أكثر من 60% من اليورانيوم، فهو لا يزال بعيدا عن الضربات الجوية، حسب ما ذكرت تقارير إيرانية، ويبعد بمسافات 550 كم جوا عن بغداد، و450 إلى 500 كم جوا عن مدينتي كربلاء والنجف”.
وأشار إلى أن “عبارة (جوا) تدل على أن قضية التلوث تنتقل عن طريق سحابة غبارية مشعة، وتنتقل بشكل دائري حول مكان المصدر المشع، في حال تعرض أحد تلك المفاعلات إلى انفجار مباشر، شرط أن تكون الرياح شمالية شرقية قرب مفاعل بوشهر، وهو ما لم يحدث منذ سنوات طويلة (لأن الرياح المتعارف عليها قرب بوشهر هي رياح شمالية دائما، وتنتقل إلى وسط إيران في مواسمها الاعتيادية)”.
وتابع حسن، قائلا إن “الشرط الآخر هو أن تكون سرعة الرياح 30 إلى 50 كم في الساعة، وهو ما يستدعي وصول السحابة المشعة بعد 9 ساعات إلى البصرة و10 ساعات إلى ميسان و14 ساعة الى بغداد (وهذا الوقت كافي للطوارئ في حال كانت الأجهزة المختصة عراقيا مجهزة للأمر) لتنبيه المواطنين قبل وصول السحابة الإشعاعية”، مضيفا أن “الرياح لم تسجل في هذا الأسبوع سرعة أكثر من 10 إلى 15 كم بالساعة بين العراق وإيران”.
ولفت إلى “وجود جهد مكثف من قبل وزارة البيئة، ووزارة العلوم والتكنولوجيا المنضوية تحت إدارة وزارة التعليم العالي، لمتابعة الوضع على مدار 24 ساعة، وتسجيل قراءات النشاطات الإشعاعية لمختلف العناصر في الجو (الطبيعية منها وغير الطبيعية)، ويكون القياس قرب المناطق الحدودية حصرا، وفي حال عدم توفر أجهزة حديثة، نأمل ان يتم التعاون مع الدول المجاورة الملاصقة لإيران، والتي تمتلك إمكانات حديثة لمراقبة أي نشاط إشعاعي مستقبلي في الأيام القادمة، وتنبيه المواطنين تجاهه بشكل مبكر”.
وختم حديثه، بالقول إن “أي نشاط سحابي إشعاعي يتجه للعراق في حال تعرض أي منشأة نووية إيرانية لتدمير مباشر، فسيكون التأثير متوسطا على الأراضي الزراعية، ثم مصادر الماء المكشوفة تدريجيا، ويكون التأثير طفيفا بشكل مباشر على الإنسان في حال التعرض المباشر”.
ووفق خبراء البيئة، فإن التلوث النووي يحدث بسبب الأنشطة البشرية والحوادث، ويشمل مجموعة متنوعة من المصادر، مثل محطات الطاقة النووية، وتجارب الأسلحة النووية، واستخدام المواد المشعة في الصناعة والطب.
ويؤدي التعرض للإشعاع النووي إلى عدد من المشاكل الصحية، منها زيادة خطر الإصابة بالسرطان، والعيوب الخلقية والإصابات المزمنة الأخرى.
وحذرت الجهات المسؤولة عن الرقابة النووية في العراق، ومتخصّصون في التلوث الإشعاعي، من مخاطر المواجهات بين إسرائيل وإيران، لجهة احتمال وقوع تلوّث قد يهدّد مناطق بالبلاد مع استهداف المواقع النووية الإيرانية، وفيما أُطلقت تطمينات بأنّ الفرق العراقية الخاصة تتابع الملف بحذر مع اتّخاذ تدابير وقائية، دعا خبراء إلى الاستعداد لأيّ طارئ.
وكانت إيران قد سجّلت تلوّثا إشعاعيا في منشأة نطنز، أكبر المنشآت الإيرانية لتخصيب اليورانيوم، إثر هجوم إسرائيلي الجمعة الماضية، بحسب ما أعلنته هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، التي أشارت إلى عدم تسجيل التلوث الإشعاعي خارج المنشأة.
وعلى أثر ذلك، شكّل العراق غرفة طوارئ نووية لمتابعة الملف، واحتمال أن يصل التلوّث الإشعاعي إلى البلاد.
وعاشت منطقة الشرق الأوسط، خلال الأيام الماضية، في حقل من النار، فبعد هجوم إسرائيلي مفاجئ فجر الجمعة الماضية، على العاصمة طهران ومدن عديدة في إيران، استهدفت خلالها قيادات كبيرة ومنشآت عسكرية ونووية، جاء الرد الإيراني، ليصعق تل أبيب، بوابل من الصواريخ الباليستية، إيذانا باستمرار القصف جدالا بين الطرفين حتى هذه اللحظة، في ظل تحذيرات من اتساع رقعة الحرب.
وتزداد المخاوف في الداخل العراقي من تداعيات الحرب الخطيرة، وانعكاساتها المحتملة على العراق، خصوصا بعد انتهاك إسرائيل وإيران على حد سواء للأجواء العراقية، حيث أفادت مصادر بعبور مئات الطائرات والصواريخ الإسرائيلية والإيرانية المتبادلة فوق أراضيه.
وقدم العراق، شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، متهمة إياها باستخدام الأجواء العراقية لتنفيذ هجمات عسكرية على إيران، واصفة ذلك بأنه “انتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.
وسبق أن دانت الحكومة العراقية “الاعتداء العسكري الذي شنه الكيان الإسرائيلي على أراضي إيران”، ودعت مجلس الأمن الدولي إلى عقد اجتماع “فوري” لاتخاذ إجراءات تهدف لردع “هذا العدوان”.
وكان السوداني قد عبر خلال استقباله سفير الاتحاد الأوروبي لدى العراق، توماس سيلر، أن العراق ما زال يبذل أقصى درجات ضبط النفس، ويحرص على الابتعاد عن الصراعات الإقليمية، مقدما مصلحة الشعب العراقي.
واستقبل السوداني، الجمعة الماضية، القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى العراق ستيفن فاجن، وقائد قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش، الجنرال كيفن ليهي، في أعقاب هذه التطورات، وجدد رفضه لاستخدام أراضي العراق أو مجاله الجوي في تنفيذ أعمال عدوانية ضد أي دولة مجاورة، فيما أكد حق البلاد باتخاذ الإجراءات القانونية بهذا الشأن.
كما أجرت بغداد اتصالات مع كل من طهران وواشنطن للنأي بنفسها عن النزاع العسكري الدائر بين إيران وإسرائيل، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية، السبت الماضي، عن مسؤولين رفيعين.
أقرأ ايضاً
- الحرس الثوري: صواريخنا أصابت أهدافها بدقة رغم الدعم الأمريكي والغربي لإسرائيل
- نصف العراق صحراء.. نينوى بأمان وذي قار الأكثر تضرراً
- العراق يفعل غرفة الطوارئ تحسباً لأي تسرب إشعاعي